في أكثر الأعمال السينمائية المستقلة نضجًا، يعيدنا فيلم Manchester by the Sea لدراما لم يقدر كتاب السيناريوهات على احتوائها منذ زمن. نص "كينيث لونرغان" متماسك حدّ الكمال الذي لا نحبذه كثيرا. فيلمٌ عن واقع الحياة وصعابها، عن التفاصيل التي تزيد من محاصرتنا ظرفًا تلو الآخر. إختيار مانشستر لم يكن عبثيًا، بل أن نص لونرغان أعتمد على أن يطرحها في صورة بديعة وقريبة من شخصياته. شخصيات الفيلم! أه كم هو مرير وجودها في الحياة وهناك ماضي أليم يلاحقها، أه كم هي جدية وحقيقية حوارات الشخصيات مع بعضها. لي تشاندلر: شخصية عرف كيف يكشفها لونرغان بذكاء الفلاش باك وتوظيفه مونتاجيًا بصورة جد مثالية؛ أمّا كايسي أفليك، فعرف كيفية اتمامها واحتوائها في أداءٍ أتمنى له أوسكار تكريمية. حرفيًا: هذا فيلم يريدنا أن نشعر بواقع أن الحياة يمكنها أن تحاصرنا في أي وقت وبلا أي تحذير، يريد منا أن نتألم، أن نشعر بأن هناك بالفعل ما يدعو للاستسلام والاكتفاء منه كونه أكبر من طاقاتنا. عن الظروف التي تفرض علينا مسؤوليات سبق ولم ننجح في اتخاذها. حول الماضي والحاضر والمستقبل المجهول، حول العزلة والفقدان والبؤس والخوف من المسؤولية. أفضل فيلم درامي شاهدته بإصدارات 2016، هذا الفيلم يأتي معاكسًا لشعور أنتابني أثناء مشاهدة رائعة شازيل "لا لا لاند"، حيث الأخير يشعرنا في تجربته برغبة في الرقص رغم البكاء، أما لونرغان، يريدنا أن نشعر برغبة ملحة في البكاء والشعور بالحياة في أصعب ظروفها.