La La Land

La La Land ★★★★★

هذا العمل الأيقوني في الأعوام الأخيرة، قدمه داميان شازيل في جانراه الأيقونية الموسيقى. من الملهم أن نرى تلك التفاصيل القوية المرتبطة بسينما العالم الحديث في هذا الفيلم، كذلك جذوره بالسينما الأصيلة. الفيلم يتحدث عن لقاء مضطرب بين فنانين متوحدين، يشكل نقطة تحاول في مسيرتهما الفنية. وحينما نرى -القصة المختصرة- بهذا الشكل فهو أمر مبهج، لكننا لا نستطيع إهمال حالة الحب ما بين الإثنين. وهنا أمر مبهج هذا العمل لا ينظر للحب فعليا كعلاقة كما في الأفلام الرومانسية، بل هو يقفز لأعلى مكونا نظرةً مختلفة للحب رغم رومانسيتها أيضاً، ألا وهي أن الحب حالة السريان الأبدي. يجسّد هذا البداية القوية للفيلم والأيقونية وهي الرقص الجماعي لأصحاب سيارات عالقين في زحمة واللقاء المضطرب الأول لعاشقين -محتملين-، كذلك النهاية المثالية والملهمة للفيلم والتي تشير إلى إشارة الاستعداد والانطلاق في عزف فرق الجاز: ١،٢،٣-١،٢٣٤. ربما من الجيد أني أشاهد الفيلم للمرة الأولى الآن بالخصوص وأنا أشاهد تأثرات الفيلم السينمائية في أعمال شاهدتها.

ميزة هذا العمل رغم هوليوديته أنه لا يأخذ جذوره من أفلام الموسيقى في الثلاثينات، بل أنه يختار جذوره لدى فنانين متقدمين أو طليعيين، بالخصوص المعلّم روبرت وايز، "قصة الجانب الغربي، صوت الموسيقى". وكلها مع عملنا هذا أعمال صورت بتقنية "سينما سكوب"، كذلك تشكيلة الألوان مستلهمة بشكل كبير من هذين الفيلمين. هذا الفيلم صوّر بعدسات بانورامية، والجميل فيه أنه تم توظيفها سرديا لحركة الشخصيتين السريع في العمل، ولتشكيلات الرقص وهي عنصر ممتاز جدًا بالمناسبة. عودا على العدسات، هي أيضاً بشساعتها تجسد وحدة الشخصيتين في هذا العالم، وهو عالم الخيارات والاحتمالات بامتياز، إنه تعبير رومانسي قوي لكيفية دفع الرغبة في الحب بالأحلام، وبالتعبير، وبالمخيلة. عناصر يفهم حضورها جيدًا العاشق الفنان، وكذلك يفهم قوتها وخفوتها من حيث علاقتها بحالة الحب نفسه. وهنا الحديث عن حالة الحب نفسه، فأنا أراها عملية، سهلة كتابيا، لكنها كانت قوية التأثير بصريا، فبالكتابة العمل مكتوب كنص من خمس فصول تقريبا، -فصول السنة، وفصل زائد-، لكنها بصريا قوية وجسدت بشكل حديث ويناسب ديناميكية الفيلم الخلابة بكل صدق، فتشكيلة الألوان في كل فصل تعبر من حيث زهائها وقتامتها عن بديهية الفصل في ذكرياتنا، والعمل أيضًا يبتدئ أيضًا من الشتاء للخريف، وما بين هذين المرحلتين تتشكل كل المساعي للإزهار.
أيضًا علي الحديث عن جودة العمل البصري كتقنيات بشكل أوسع، بالخصوص التصوير فهو عمل ديناميكي أكثر من كونه حِرفي، ومع أني لم اقرأ عن الموضوع إلى الآن إلى أني يخالجني شعور أن حامل الكاميرا المستخدم هو روبوت وليس يد بشرية، فكم الحركات الصعبة والمعقدة في اللقطات تكون غير ملحوظة، لأن اليد البشرية لها لمستها التي تشتبك مع مشاعرنا في هكذا لقطات، لكن في هذا العمل يبدو أن المخرج فضّل أن يتخذ فائق السلاسة في مسألة تصويره. أيضًا في مسألة المونتاج المخرج لم يكثر من تقنيات المونتاج التقليدية، واستعاض عنها بقوة المونتاج الحديث وأسلوب تركيب لقطات كما في -لقطة العلامات التجارية،ولقطة الكؤوس الاحتفالية- وهذا عنصر يكمل الفيلم نحو رؤية المخرج بالسلاسة التي يصبو لها، والذي يجعل الفيلم من أكمل أعمال "السينما السهلة" كما قلت.
جانبيا لدي تعليق إضافي حول تصميم المشاهد ودلالتها واشتباكها مع التاثيرات السينمائية، بالخصوص مشهد "المرصد الفلكي" وهو ذات المرصد في فيلم "ثائر بلا قضية"، علينا أن نشدد التركيز على تلك اللحظة التي تشير -لفقد الجاذبية- أو القيد والتي تحرر فيها العاشقين وانطلقا للرقص ما بين النجوم. جمال تشكيلة هذه اللقطات ليس في تعقيد تنفيذها أيضًا، بقدر ما هو في جودة إيصالها لفكرة ذروة الحلمية. كتقنية نعم ربما تحوي اللقطة CGI في حركة الطيران، لكن رقص النجوم يبدو أمام خلفية. وهو يذكرني بمشهد عظيم من السينما الصامتة، في فيلم Lonesone 1928 وهو عمل أيقوني ويستحق المشاهدة. في هذا المشهد الذي أشير -راجع سلسة التغريدات في حسابي على تويتر-، أنصح بمشاهدة هذا الفيلم لأنه يشترك بعناصر عدة مع هذا الفيلم، ألا وهي سهولة الفكرة والسرد، وكذلك العبقرية باستخدام التقنيات، كذلك يجمع هذين العملين التميز في عنصر منعطف السرد أو التويست، والذي يعتبر ثيمة مميزة لهما رغم معارضتي له كتقليد.

Block or Report