"إنني الفاصل بين ما أنا إياه، وما لستُ إياه، بين الحلم وبين ما صَنعتُه الحياة بي" - بيسوا.
فيلم قصير -ساخر نوعًا ما ومستند إلى واقعة حقيقية- يعيد إحياء شيء من الصور الشِعرية في قصائد بيسوا التي تفيض حنينًا وتقلبًا بين أحزان ماضية، حيث الشعر الحقيقيّ ينطلق من مواطن خفية في الروح، فلا يمكن أن يُنتج ويُقدم كالسلع أو يخضع لمعايير الاستهلاك الحديث.
vimeo.com/429863773
لا يمكن تخطّي هذه الوجوه الهَرِمة دون أن تمسك فينا شيء غائر وعميق. تُركت في الأخير لكي أتأمل مخاوفي في مشهد مماثل للرجل المسنّ وهو يتأمل وجهه في المرآة، الخوف من أن نجد أنفسنا قد كبرنا بهذه الصورة الفجة، حيث لا مقابل ولا تعويض لما يمكن خسارته من سنوات وأيّام.
للحظات وأثناء سير العجائز بين حوائط المنزل الضيق بتلك الطريقة المخدّرة أشعر أن الفيلم بأكمله ليس إلا رسالة تحذيرية من مصائرنا نحن ساكني المستقبل، قادمة من ماضٍ بعيد لم نعرفه،…
هذا الفيلم ينفع تجسيد لفوضوية العقل البشري، صوت الذات الأخرى في كل انسان، الناطقة والعفوية واللي مهمّتها وضع الفرد في مواجهة دائمة مع الأشياء العبثية حوله، في كثير من مشاهد الحوارات كنت أحس إنهم أصوات داخلية للشخص نفسه، فكرة الجزيرة المنعزلة تترك انطباع بانعزالية الفرد نفسه، برأسه الممتلئ بأفكار وصور وتخيلات وأسئلة وأحداث بطبيعة خاصة ومختبئة، يعني في الأخير ألسنا جميعًا جزر منعزلة؟ هذه ليست محاولة لتفسير ماذا يحاول الفيلم أن يقول، متعة الفيلم الفريدة هي في التفاصيل والجوانب الكثيرة…
