Papillon

Papillon ★★★★½

“ A temptation resisted , Is a true measure of character . ” ~‘ Luis Dega ’




A brutal and Exhausting Movie ,, That Makes You Grateful You Aren't in Prison ,, With Great Performances By McQueen and Hoffman .





• ” لن تنجحوا في تحطيمي ، ها أنا حر طليق “ ،، لم يكن الهدف من عقوبة السجن إعادة التأهيل أو حجز المجرم خلف القضبان حماية للمجتمع ،، كل التفاصيل تشير إلى أن الهدف هو تحطيم المحكومين وتجريدهم من إنسانيتهم ،، بدءا باللحظة التي يساقون فيها مكبلين بالسلاسل ضمن رتل خارج أبواب المحكمة ،، مرورا بحارات باريس الضيقة يحيط بهم رجال الشرطة وصفوف من الناس إحتشدت أمام المنازل والمحلات التجارية يسعى كل منهم لتصيد فرصة يبصق فيها عليهم تعبيرا عن إحتقاره لهم ،، الشعور بالإذلال يتضاعف عندما يكون المحكوم بريئا وهذا هو حال البطل ' Henri Papillon Charriere ' الذي أدى دوره Steve McQueen بشكل عميق ومؤثر ،،،

فيلم { Papillon } ذهب خطوة أبعد من مجرد طرح سؤال سبق أن طرحته رواية " الجريمة والعقاب " ،، الفيلم قدم لنا العقاب أما الجريمة فهي خطأ قضائي وبذلك تحول الفيلم إلى محاكمة مجتمع بأكمله مجتمع إختار الإذلال وسيلة للعقاب ،، الزمان لن يعود إلى الوراء والفرنسيون لن تتاح لهم الفرصة لمسح الحدث من سجلاتهم العار الذي أرادوه أن يلحق بالسجناء لحق بفرنسا ،، ليصبح الفيلم شهادة لا تموت ضد دولة إدعت أنها أول من مهد لحقوق الإنسان ،، عندما ظن الفرنسيون أن العالم نسي وصمة العار التي أحدثها فيلم { الفراشة } وطالت فترة من تاريخهم الحديث تحركت هوليوود ثانية تنعش الذاكرة وتحيي الإحساس بالذنب ،، في السادس والعشرين من أكتوبر ( 1931 ) يساق ' Henri Charriere ' إلى المحكمة في قصر العدل بباريس ،، لم تستغرق الجلسة سوى بضعة دقائق أصدر القضاة بعدها حكما أدانوا به المتهم بجريمة قتل من الدرجة الأولى ،، لترفع الجلسة ويلفظ المجتمع الفرنسي شابا في الخامسة والعشرين من عمره إلى جزر بعيدة لتبدأ رحلة العذاب ،، القميص الحريري حلّ مكانه قميص واسع مصنوع من كتان خشن والبدلة الجميلة إستبدلت بسترة من الصوف وإختفى الحذاء ليحل مكانه قبقاب خشبي ،،،

من حق المجتمع أن يدافع عن نفسه لكن من العار أن يلجأ مجتمع يدعي التحضر مثل فرنسا ،، إلى عقوبة يُمحى فيها السجين من خارطة المجتمع ويعاقب بالصمت المطبق داخل زنزانة ضيقة تنفذ إليها خيوط واهنة من الضوء من شباك مغلق مهترئ على إرتفاع أربعة أمتار ،، الأصوات الوحيدة التي تصل إلى الزنزانة هي صرخات هستيرية لسجناء أفقدهم الشعور بالوحدة قواهم العقلية ،، رغم أن الفيلم الذي أخرجه Franklin J. Shaffner وقام بدور البطولة فيه Steve McQueen و Dustin Hoffman أنجز في العام ( 1973 ) ،، إلا أنه ما زال حيا في الأذهان بل صدرت نسخة جديدة منه في ( 2017 ) بطولة Charlie Hunnam و Rami Malek أعدها للسينما وأخرجها الدانماركي Michael Noer إعتمادا على نص الرواية الأصلي مستعينا بكاتب السيناريو Aaron Guzikowski ،، تنتمي الرواية التي نشرت تحت عنوان " الفراشة " إلى أدب السجون وهي سيرة ذاتية لسجين فرنسي هو ' Henri Charriere ' مولود في 16 نوفمبر ( 1906 ) بمنطقة أرديش الفرنسية وتوفي في 29 يونيو ( 1973 ) بإسبانيا ،، وثق ' Charriere ' تجربته مع السجون الفرنسية في الرواية التي نشرت لأول مرة سنة ( 1969 ) وبيع منها إلى اليوم 7 ملايين نسخة ،، ويقال أنها كانت السبب في إلغاء حكم الإعدام في فرنسا ،،،

يقدم ' Henri Charriere ' في سيرته الذاتية قصة كفاحه طوال سنوات للتحرر من السجن ليس فقط من الجدران والأقفال ،، بل من فكرة السجن ذاتها السجن الذي نجح سجانيه في زرعه داخل عقله وسيطر عليه ما تبقى من سنوات عمره ،، وكان دافعه الأول لكسر الحصار النفسي الذي فرضه القضاء الفرنسي عليه ،، قدم ' Charriere ' من خلال رحلته الطويلة صورة قاتمة عن فرنسا دولة حقوق الإنسان التي لم تحترم حقوق مواطنيها خلال فترة حساسة من التاريخ الحديث هي الحرب العالمية الأولى ،، وفي ملحمة إنسانية تمتلئ بالتفاصيل الحية نتبع خطى ' Henri Charriere ' أو ' Papillon ' كما درج رفاقه السجناء على مناداته في سجن الميناء في سعيه الدؤوب نحو الحرية ،،،

الحكم كان ضربة قاصمة لم يصحُ منها إلا بعد ثلاثة عشر عاما رمي خلالها في دهاليز سجن ،، عرف بقسوته وإنعدام الإنسانية لدى القائمين عليه والذين يحرصون على تحويل حياة نزلائه إلى جحيم حتى في ساعات النوم القليلة ،، تلك كانت المحطة الأولى الجديدة التي إمتدت حتى لحظة رحيله إلى سجن غويان الشهير ،، هناك بدأ في رسم خطط للهروب كل ما يشغل فكره هو كيف يرجع إلى باريس لينتقم من القاضي والمحلفين الذين رموا به في حفرة الموت البطيء هذه مستنبطا في خياله أساليب للتنكيل بهم ،، مع مرور الوقت لم تنجح عقوبة السجن في كسر روح ' Henri Papillon ' التواقة للحرية إلا أنها نجحت في تغيير أفكاره لينسى الإنتقام ،، كل ما يهمه الآن هو الحرية والنجاة من جحيم الإنسان المتحضر بالنسبة له فإن حياة أكثر إنسانية حتى وإن كانت بدائية ،، أفضل من مظاهر حضارية باردة تفتقد دفء العلاقات الإنسانية ،، رغم الحراسة المشددة ورغم قسوة السجانين تحولت الحياة داخل السجن إلى فسيفساء من العلاقات صنعت مجتمعا بأكمله ،، مجتمع منفيين منهم من حكم لجرائم خطيرة إرتكبها وآخرون تلقوا أحكاما لمجرد السرقة وأبرياء مثل ' Papillon ' يدفعون سنين حياتهم بسبب أخطاء القضاء الجائر أحيانا ،،،

داخل هذا الخليط الإجتماعي يلتقي ' Papillon ' الرفاق الذين سيشاركونه مغامرة الهروب من السجن في محاولته الأولى ،، التي إعتقد أنها الأخيرة حدث ذلك بعد سنة ونصف من وصولهم مستعمرة " سان دورا " ،، في عرض البحر وفي مركب متهالك مهدد بالغرق خاض الرفاق الثلاثة رحلة خطرة نحو الحرية التي ظنوا أنها قاب قوسين أو أدني ،، لكن الرحلة تنتهي بهم في سجن جديد هو سجن " ريهوشا " في " كوراساو " ،، رحلة الهروب تضعه وجها لوجه مع مشاهد مروعة قرية كاملة يعاني سكانها الجذام يقطنون أكواخا صغيرة من القش إبتنوها بأنفسهم ،، يربون الدجاج والبط كل ما يمتلكونه هو عدد من المراكب المسروقة من القرية تلاحقهم لعنة المرض وخوف الناس من إنتقال العدوى يحيط بهم حرس مسلح يمنع الدخول إلى القرية والخروج منها ،، ورغم ملامحهم المقززة شفاه وجفون متآكلة هم أكثر إنسانية من حراس السجن لم يترددوا في مد يد المساعدة للأصدقاء الهاربين ،، أمدوهم بالمال والتبغ والرز وكمية من المحروقات وجهزوا لهم زورقا أقلهم إلى " ترينيداد " ،،،

في غمرة الفرح ومن وسط زحام فتيات ضاحكات وبينما هم مأخوذون بمرأى السيارات وعربات المترو وإعلانات السينما ،، ألقي القبض عليهم ثانية ليساقوا إلى السجن من جديد مرارة التجربة لم تثنه عن تكرار المحاولة يعاود الهرب ،، هذه المرة ينتهي به المطاف بعد أن حرقت الشمس جلده في جزيرة يقطنها هنود حمر يتسلحون بالسهام والسكاكين ،، يتزوج من فتاة من السكان المحليين جذبته إليها عيناها الرماديتان كعيني زعيم القبيلة وشعرها المجدول الذي يصل إلى أسفل الظهر ،، كانت ترفض المشي إلى جانبه وتصر دائما على السير خلفه غير مبالية بإحتجاجه ،، ويحدث أن يقابل ساحر القبيلة وطبيبها الذي يطلب منه أن يرسم على صدره صورة لفراشة ،، مثل تلك المرسومة على صدره ليتحول إلى صانع أوشام يفتن به الجميع ،، ويأتي يوم كان عليه أن يرحل يغادر وهو يردد " وداعا أيها البدائيون ، طريقتكم في العيش والدفاع عن أنفسكم علمتني أن أكون بدائيا ، خير من أن أكون مجازا في الأدب " ،،،

في غمرة الفرح ومن وسط زحام فتيات ضاحكات وبينما هم مأخوذون بمرأى السيارات وعربات المترو وإعلانات السينما ،، ألقي القبض عليهم ثانية ليساقوا إلى السجن من جديد مرارة التجربة لم تثنه عن تكرار المحاولة يعاود الهرب ،، هذه المرة ينتهي به المطاف بعد أن حرقت الشمس جلده في جزيرة يقطنها هنود حمر يتسلحون بالسهام والسكاكين ،، يتزوج من فتاة من السكان المحليين جذبته إليها عيناها الرماديتان كعيني زعيم القبيلة وشعرها المجدول الذي يصل إلى أسفل الظهر ،، كانت ترفض المشي إلى جانبه وتصر دائما على السير خلفه غير مبالية بإحتجاجه ،، ويحدث أن يقابل ساحر القبيلة وطبيبها الذي يطلب منه أن يرسم على صدره صورة لفراشة ،، مثل تلك المرسومة على صدره ليتحول إلى صانع أوشام يفتن به الجميع ،، ويأتي يوم كان عليه أن يرحل يغادر وهو يردد " وداعا أيها البدائيون ، طريقتكم في العيش والدفاع عن أنفسكم علمتني أن أكون بدائيا ، خير من أن أكون مجازا في الأدب " ،،،

لم يرحل بإرادته إنتزع إنتزاعا ليلقى به وسط الحضارة وسط السجن ،، قُبِض عليه بعد رحلة ألفين وخمسمئة كيلومتر ليجد نفسه مرة أخرى في سرداب ضيق يفيض بالماء ،، تتكرر محاولات الهروب ليصل في النهاية إلى فنزويلا هناك حصل على بطاقة ممهورة وموقّعة بتوقيع وختم مدير الأحوال المدنية ،، يعيش بعدها حياة طبيعية ينسى معها فكرة الإنتقام عليه أن يتعلّم كيف يعيش حرّا حدث هذا في الرواية ،، التنوع منح الفيلم قيمة كبيرة و نجح بتقديم الشخصيات بعفوية وبساطة فبينما يستسلم ' Luis Dega ' لقدره ،، يتحدى ' Henri Papillon ' الأقدار ويركز على طلب الحرية ليصبح هاجسه الوحيد ويتحول نيلها إلى معركة مستمرة لا يشغله عنها شيء آخر ،، الفيلم ترك النهاية غامضة فبينما روضت حياة السجن القاسية صديقه ' Dega ' غارسة في قلبه الخوف والجبن ليكتفي بالعيش في الجزيرة يربي الخنازير ويزرع الخضار ،، لا حارس ولا رقيب سوى بحر وشواطئ صخرية تحيط بالجزيرة من جوانبها وتيارات بحرية تحول دون نجاح أي محاولة للهروب ،، لم يمنع كل ذلك ' Papillon ' من تكرار المحاولة راقب بصبر حركة الأمواج والتيارات البحرية وقام بتجارب عملية ،، إلى أن إستقر على اللحظة المناسبة التي يمكن خلالها أن يترك نفسه للأمواج تحمله إلى عرض البحر بعيدا عن الشاطئ ،،،

صنع لنفسه طوفا بدائيا شد نفسه إليه بوثاق قوي وعندما أتت اللحظة هوى بجسده من فوق جرف عال إلى البحر ،، إختفى الجسد لفترة تحت سطح الماء ثم طفا بعيدا عن الصخور ليجدف بيده صارخا بأعلى صوته : " لم تنجحوا في تحطيمي أيها الخنازير ، ها أنا حر طليق " ،، يشيّعه صديقه ' Dega ' بناظريه إلى أن غاب بعيدا في الأفق عندها يدور على عقبيه ويعود إلى الكوخ يواجه وحدته في الجزيرة النائية المعزولة ،، وعلى عكس الرواية النهاية المفتوحة التي إختارها الفيلم تركت لنا الحرية لوضع الخاتمة التي تروق لنا ،، نجح المخرج Franklin J. Chaffner في أن يقدم لنا تحفة فنية رائعة تمثل قصة محبوكة بشكل منسق وجميل ،، أضفى عليها أداء كل من Steve McQueen و Dustin Hoffman سحرا خاصا ينسى معه المشاهد أنه يتابع أحداث فيلم ،، شخصيتان متناقضتان في كل شيء وفي الوقت نفسه يكملان بعضهما البعض ،، لقد توفرت للفيلم كل عوامل البقاء فهو إضافة إلى الممثلين المميزين إعتمد على سيناريو أبدع الكاتبان Dalton Trumbo و Lorenzo Semple Jr. في حبكته وقدم في إنتاج ضخم تخدمه موسيقى تصويرية تشدك إلى التفاصيل في كل لحظة ،، من سوء حظ الفرنسيين أن صرخة " ها أنا حر طليق ، لن تنجحوا في تحطيمي " ،، سيبقى صداها يرفرف فوق المحيط مثلما رفرف جناحا الفراشة فوق صدر ' Papillon ' ،، وسيبقى مشهد المحكومين يسيرون عبر أزقة باريس بإتجاه مصير غامض ينتظرهم في المنفى وصمة عار لن تمحى .



cinematic-diary.blogspot.com/2022/09/papillon-1973.html

Block or Report

𝘾𝙞𝙣𝙚𝙥𝙝𝙞𝙡𝙚_𝙏𝙖𝙡𝙚𝙨 liked these reviews